{مواقف رمضانية لا تُنسى}"5"
من أعظم ما أمر به الإسلام من أعمال هو
إطعام الطعام ، ولو بالقليل منه ، ولقد كان إطعام الطعام من الأسباب الشهيرة فى دخول
الجنة ، وكذلك النجاة من أهوال يوم القيامة ومن النار ، ولا يتصف بهذا العمل إلا كل
كريم ولا يمتنع عنه إلا كل بخيل ، وقد حرض رب العزة على إطعام الطعام فى القرآن الكريم
وكذلك ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذا المجال.
وهذه الصفة الجميلة من الصفات التى تحافظ
على لُحمة المجتمع وتحافظ عليه ، فتجعل المجتمع متماسكاً مترابطاً صلباً ضد محاولات
تمزيقه من الداخل أو من الخارج ، هذه الصفة الرائعة كانت على مر الأزمنة والعصور سبباً
فى نشر الحب والمودة بين أفراد المجتمعات الإسلامية والتى ربما يحسدهم عليها كثير من
الناس الذين يدينون بغير دين الإسلام.
إطعام الطعام ترجمة عملية لشكر الله على
نعمه التى لاتُحصى ولا تُعد ، فالغنى الذى يقوم على إطعام الطعام يطهر ماله ويسمو بروحه
ويقربه من الناس وخاصة الفقراء منهم ، وكذلك يجعل من نفسه قدوة لغيره من الأشخاص فى
إطعام الطعام.
وقد اعتاد المسلمون على الإكثار من إطعام
الطعام خلال شهر رمضان طلباً للأجر والمثوبة من الله وحباً فى مضاعفة هذا الأجر وتلك
المثوبة ، فتكثر الدعوات للإفطار فى معظم البيوت ، فاليوم أنت داعٍ وغداً أنت مدعو
، وهكذا دواليك ، وتزداد تلك الدعوات جمالا حينما تكون مصحوبة بالنية الصالحة ، بمعنى
أن تكون تلك الدعوة على الإفطار لله وليس من باب التفاخر وحب الظهور أو أن يكون سببها
التقرب لشخص أو أشخاص معينين أو رغبة فى الفوز بمنصب أو مصلحة معينة.
خرجت نسبة كبيرة من دعوات الإفطار عن أهدافها
السامية وحلت محلها أهداف دنيوية وبات وراء معظم تلك الدعوات أهداف تحقيق مصالح أو
اتقاء مضار ، فهذا الإفطار إفطار سياسى وذاك إفطار أدبى وثقافى وهناك إفطار قاصر على
مجموعة ذات إنتماءات معينة والمشكلة هنا ليست فى الإفطار فى حد ذاته ولكنها فى حرمانه
للفقراء والمساكين والمحتاجين وذوى الاحتياجات الخاصة من حضوره.
ومن ضمن مساوئ استخدام إطعام الطعام الإسراف
فيه بصورة مستفزة ، واستغلاله لتحقيق مآرب أخرى ما أنزل الله لها من سلطان ، والأهم
من هذا وذاك أن يختص الأغنياء الصادقون إطعام الطعام بشهر رمضان فقط دون الأشهر الأخرى.
وحتى يذهبوا بنقاء وصفاء هذا العمل الجليل
"إطعام الطعام" أقحموا المشاهير من ذوى الأموال الحرام كالراقصات وتجار المخدرات
ورجال الأعمال الذين جمعوا أموالهم من قوت الشعب بوسائل خبيثة ، فانتشرت موائد الرحمن
التى ينفق عليها هؤلاء الأشخاص والتى لا يبغون من ورائها إلا الشهرة والتفاخر وكذلك
لتشويه هذا العمل العظيم.
فالله طيب لا يقبل إلا طيباً ، وكذلك فعليك
ألا يأكل طعامك إلا تقى ، وقد ذم الله من لا يحض على طعام المسكين ، وسيحاسبنا الله
على مصادر أموالنا هل هى من حلال أم من حرام؟ ، وكذلك هل أنفقناها فى حلال أم فى حرام
، والمهم ان تكون نياتنا فى القيام بكل ذلك لله ، دون رياءٍ أو نفاق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق