{{مواقف رمضانية لا تُنسى}}"14"
الفاتحة... هيا بنا نقرؤها بتدبر
الفاتحة عند المسلمين هى أم الكتاب ، بدونها
لاتصح الصلاة ،وهي أول القرآن ترتيبا لا تنزيلا ، وهي على قصرها حوت معاني القرآن العظيم
، واشتملت مقاصده الأساسية بالإجمال ، فهي تتناول أصول الدين وفروعه ، العقيدة، العبادة
، التشريع ، الاعتقاد باليوم الآخر والإيمان بصفات الله الحسنى ، وإفراده بالعبادة
والاستعانة والدعاء ، والتوجه إليه جلّ وعلا بطلب الهداية إلى الدين الحق والصراط المستقيم
، والتضرع إليه بالتثبيت على الايمان ونهج سبيل الصالحين ، وتجنب طريق المغضوب عليهم
والضآلين ، وفيها الأخبار عن قصص الأمم السابقة ، والاطلاع على معارج السعداء ومنازل
الأشقياء ، وفيها التعبد بأمر الله سبحانه ونهيه ، وغير ذلك من مقاصد وأهداف ، فهي
كالأم بالنسبة لباقي السور الكريمة ، ولهذا تسمى بأم الكتاب ، إذاً اشتملت سورة الفاتحة
على كل معاني القرآن ، فهدف السورة الاشتمال على كل معاني واهداف القرآن،.
عادة ما يقرأ المسلم الفاتحة فى اليوم الواحد
سبع عشرة مرة على الأقل ، فى الإعلان عن الخطبة تُقرأ الفاتحة تبركا ، على أرواح ذويهم
يقرؤها كثير من المسلمين ، فى جلسات الإصلاح بين المتخاصمين يبدأ المصلحون بقراءتها
، أملا فى أن ييسر لهم الله الأمور لتنتهى هذه الجلسات بالصلح ، كذلك فى البيع والشراء
، يقرأ الناس الفاتحة ليبارك الله فى البيع ،وهناك من يقرؤها كرُقية شرعية طلبا من
الله أن يشفى المريض ، أو أن يرفع عنه السوء ، وهى تقرأ لقضاء الحوائج، هكذا كان يفعل
الصالحون يكررونها بهذه النية ، ورقية عجيبة جدا تقرأ ثلاث أو سبع أو ثمان مرات. للشفاء
وسميت الشافية لذلك ، وهكذا فإن الفاتحة تمثل أمرا حيوياً فى حياة المسلمين.
منا من يقرأ الفاتحة بصورة خاطئة ، فهذا
يقرؤها دون الإلتزام بأحكام التلاوة ، أو بالتشكيل الصحيح ، وآخر يقرؤها وهو يأكل كثيرا
من حروف كلماتها ، وثالث يقرؤها مرة واحدة ، دون أن يدخل أنفه شهيق ، أو يخرج منها
زفيرأثناء قراءتها كاملة ، وكأن أسدا يلاحقه ، وغيره يقرؤها مجرد قراءة ، وكأنه يقرأ
فى كتاب المطالعة ، وهناك من يقرؤها ، وتفكيره مشغول فى أمور أخرى ، بعيدة عن معانى
كلماتها ، والسبب فى ذلك أن هؤلاء وأمثالهم يقرؤون الفاتحة دون أن يعيشوا معانيها ،
فهم يقرؤونها دون تدبر،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهَ عنْهُ
قَالَ
: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: 'قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلاةَ بَيْنِي
وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ
لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي وَإِذَا قَالَ:
{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي وَإِذَا
قَالَ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي وَقَالَ مَرَّةً: فَوَّضَ
إِلَيَّ عَبْدِي فَإِذَا قَالَ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ
نَسْتَعِينُ} قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ
عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ
صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}
قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَل،،،،
وحيث إن المسلم مطالب من رب العزة أن يقرأ
الفاتحة يوميا سبع عشرة مرة ، بل ربما فى كثير من الحالات عليه أن يقرأها أضعاف هذا
العدد ، فإن ذلك يعتبر سببا وجيها فى أن يبحث المسلم - دون توقف - عن الأسرار الكامنة
فيها ، وعن البركات التى تتنزل أثناء تلاوتها ، و عن المتعة التى يستشعرها عند قراءتها
، و عن الشعور الجميل الذى ينتابه فى كثير من الحالات وقت قرائتها ، وغير ذلك الكثير
من الحكم والأسرار التى لايعلمها إلا الله ، وقد يعلم البشر أشياء أخرى فى المستقبل
القريب أو البعيد ، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال قراءة الفاتحة بتدبر وخشوع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق