إقرأ المزيد http://www.condaianllkhir.com/2016/08/twitter-card-summary-for-blogger.html#ixzz4LXpQ7Rxc سحر الكلمات : يونيو 2016

جديد

فى صباى، كانت تراودنى الأحلام الجميلة، تمنيت أن أراها على أرض الواقع، كنت أرى فيها بلادى أجمل البلاد، وشعبى أفضل الشعوب، وفى فترة الشباب كان يتملكنى والعديد من أقرانى شعور بحتمية التغيير إلى الأفضل، فلسنا أقل من أية دولة متقدمة ومتحضرة مندول العالم.

سحر الكلمات " قصص قصيرة "

السبت، 25 يونيو 2016

{{مواقف رمضانية لا تُنسى}} "19"

{مواقف رمضانية لا تُنسى}("19")

" الحملات الأمنية فى رمضان " ضد الإخوان أم ضد الإسلام ؟مقال كتبته  فى 10|9|2008

فى بداية شهر رمضان الماضى اُعتقل العديد من شباب الإخوان المسلمين لقيامهم بتعليق الزينات ولافتات التهنئة وتنظيم مسيرات الأطفال فى الشوارع ابتهاجا بقدوم الشهر الفضيل ، وكذلك لأنهم يقومون بالدعوة الى اقامة صلاة التراويح بالمساجد مأمومين بأئمة من ذوى الأصوات الندية ،واللذين يقرأون القرآن بأحكام التلاوة المنضبطة ، ولأن الأمن المصرى لايهمه أن يستمتع المصلون فى رمضان بصلاتهم أوبدعائهم ، ولا أن تخشع المصليات فى صلاتهن فى الأماكن المخصصة لهن ، و لايهمه كذلك أن يكون إمام المسجد – أى إمام – إماما جاهلا أو فقيها ،الأمر المهم عنده ألا يكون من الإخوان المسلمين أو من المتعاطفين معهم أو من المتأثرين بفكرهم ، بل يجب أن يكون من المناهضين لهم ، وإلا فلا مكان له فى هذا المسجد أو ذاك .
ولأن الهدف الأكبر لدى الأمن المصرى هو استبعاد الإخوان المسلمين من الحياة العامة ، فإنه يطاردهم لحبسهم واعتقالهم ، إذا ماقاموا بتوزيع الصدقات والزكوات التى تُعطى لهم من الأغنياء – ثقة فيهم – لكى تصل إلى الفقراء والمستحقين ، رغم أن ذلك يتم من خلال جمعيات رسمية ، وليُحرم الأغنياء من الأجر والثوب ، وكذلك فليُحرم الفقراء والمساكين من هذه الأموال ، وليموتوا جوعا كما مات إخوة لهم من قبل ،غرقا فى البحر ، أو دهسا تحت عجلات القطارات ، أو حرقا فى النوادى والمسارح ، أو دفنا تحت الصخور المتصدعة .
ولإبعاد الناس عن المساجد ولمنعهم من الإعتكاف فيها ، فان الأمن يمارس أقصى درجات الإرهاب ضد من يقومون علي تنظيمه فى أى مسجد من المساجد على أرض الكنانة ، فطوال العشر الأواخر من الشهر الفضيل تخضع معظم المساجد المصرية للتفتيش المستمر من رجال الأمن ، ويُلقى بحاجيات المعتكفين إلى الخارج ، ويطرد المعتكفون ، ويُعتقل منهم من يُعتقل ، وهكذا يُحرم الناس من الأجر العظيم لسُنة الإعتكاف ، المهم أن الأوامر قد نُفذت ، وكل جندى أو ضابط يقول – سرا أو علنا -: أنا عبد امأمور ، وينسى أنه عبدٌ لله ، وأن للمأمور إلهاً هو الله .
وليلة العيد المباركة التى من المفترض أن تكون ليلة فرح وسرور وهناء ، فى مصرنا المحروسة تنقلب إلى ليلة حزن وألم وفراق ، نظرا للاعتقالات العشوائية والمطاردات المستمرة لكل من تسول له نفسه بأن يشارك فى الإعداد لتجهيز مكان لصلاة العيد فى العراء - اقتداء بالرسول ( صلى الله عليه وسلم ) – فى المدن والقرى والنجوع ، فالأمن فى هذه الليلة ليس لديه مهمة إلا إغراق تلك الأماكن المجهزة ، أو التى يمكن أن تجهز لأداء صلاة العيد عليها لمنع الناس من أداء هذه السنة ، وكذلك فان هذه الأماكن تنقلب إلى ثُكنات عسكرية تزدحم بالآلاف من جنود القوات الخاصة من ذوى الملابس السوداء المرعبة للمصلين اللذين يرتدون الملابس البيضاء ، فى يوم ينتظرون فيه الرحمات تتنزل عليهم من السماء .
لا يهم القائمون على الأمن استهجان عامة الناس لهذه الأحداث المؤسفة ، ولايهمهم التسبب فى إغضابهم ، و كذلك لايهمهم أن يدعوَ المصلون على من تسبب فى إفساد فرحتهم وبهجتهم بالعيد ، وإضاعة الأجر الجزيل المبتغى من وراء أداء صلاة العيد ، والعجيب أن كثيرا من الضباط والجنود المكلفين بهذه المهام العدائية ضد المصلين والمعتكفين – فى رمضان ، وفى يوم العيد – لايخفون غضبهم وسخطهم وحزنهم بسبب ما يقومون به مرغَمين .
وفى النهاية مازالت تثور عدة تساؤلات أساسية منها :
1-لصالح مَن هذه الحملات الأمنية ؟ ... لصالح الوطن والدين أم لصالح أعدائهما ؟
2 - هل ستمنع مثل هذه الحملات الأمنية المصريين من المواظبة على أداء شعائرهم وصلواتهم فى كل المناسبات ؟
3 - هل يقوم الأمن بهذه الحملات ظنا منه أنها ضد الإخوان المسلمين فقط ؟ .
4-أم أن هذه الحملات الأمنية ضد الإسلام والمسلمين عامة ؟

-5 هل يقوم الأمن المصرى بذلك ضد أى مظهر إسلامى يصدر من الإخوان المسلمين أم منهم أو من غيرهم على حد سواء؟

{{مواقف رمضانية لا تُنسى}} "18"

{مواقف رمضانية لا تُنسى}"18"

المسلم مخلوق كونى

يعتقد المسلم أنه مخلوق فى هذا الكون الفسيح مثل بقية المخلوقات كالشمس والقمر والنجوم والأشجار والبحار والأنهار ...، وكذلك فإنه يعلم أن لجميع هذه المخلوقات مهاما محددة لخدمة الإنسان الذى كرمه الله سبحانه وتعالى وجعله سيد هذه المخلوقات .
وكما أن لكل مخلوق مهمة فى هذا الوجود ، كما قال تعالى: "ألم نجعل الأرض مهادا. والجبال أوتادا". 76 النبأ ، " وبالنجم هم يهتدون " ، ..... فإن مهمة الإنسان عمارة الأرض ، لأنه خليفة الله فى أرضه ، ينبغى عليه أن يتحرك فيها وفق منهج الله سبحانه وتعالى الذى أوجبه عليه.
وكما أن المسلم يسبح بحمد الله فإن كل المخلوقات تسبح بحمده سبحانه وتعالى- كل مخلوق حسب طبيعته التي خُلق عليها - ، يقول عز من قائل: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) الإسراء: 44 ، فكل المخلوقات تعزف سيمفونية فطرية متناغمة بتسبيح الله وحمده ، ولاتمل من ذكره وتهليله وتكبيره ، ولايخرج عن هذا العزف المتناغم بالعزف النشاز الا الإنسان الكافر والمسلم العاصى .
يرتبط المسلم المنضبط بهذا الكون وما فيه من مخلوقات كثيرة ارتباطا لايقبل التجزئة ، فهى تعبد الله وتسبحه كما يعبد الله ويسبحه ، وكذلك فهى مثله تسجد لله: " ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال". 18 الحج، وقد عُرضت على بعض هذه المخلوقات الأمانة التى حملها الإنسان على بعض هذه المخلوقات ، قال تعالى: "إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها".. 72 الأحزاب .
وتتسم علاقة المسلم بكل المخلوقات من حوله بالحب والتآلف والصداقة ، فكل مخلوق منها– من ملائكة وجن ونبات وطير و حيوان وجماد - قد نال شرف العبودية لله تعالى ، وتتجلى هذه العلاقة فى مظاهرها – حسب المواقف والأحوال – من خلال الصلوات والسنن والأدعية المأثورة ، فاذا رأى المسلم الهلال فى السماء فإنه يدعو الله ويخاطب الهلال : " اللهم أهلله علينا باليمن والإيمان ، والسلامة والإسلام ، ربي وربك الله " ، وها هو جبل أُحد يقول عنه الرسول الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) : " أُحد جبل نحبه ويحبنا " ، فالحب هنا من طرفين وليس من طرف واحد ، والمسلم ينادى الأرض ويخاطبها اذا أمسى فى السفر وأقبل الليل- كما علمه رسوله (صلى الله عليه وسلم ) : يا أرضُ ربي وربك الله ، أعوذ بالله من شرك وشر ما فيك وشر ما خلق فيك ، ومن شر ما يدب عليك، وأعوذ بالله من أسدٍ وأسْوَد، ومن الحية والعقرب ، ومن ساكني البلد، ومن والدٍ وما ولد.
بل إن عمر بن الخطاب كان يخاطب الحجر الأسود - أو الحجر الأسعد - وهو يقبله بحب ويقول : والله إنى لأعلم أنك حجر لاتنفع ولاتضر ، ولولا أنى رأيت رسول الله يقبلُك ما قبلتك ، واذا هاجت الريح يستجير المسلم بالله منها لأنها من مخلوقات الله ومن جنوده ، فيدعو : " اللهم إني أسألك خيرها ، وخير مافيها ، وخير ما أُرسلت به ، وأعوذ بك من شرها وشر مافيها وشر ما أرسلت به "، وعند سماع الرعد يقول: " سبحان الذي يُسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته "، وعند نزول المطر يدعو :" اللهم صيباً نافعاً " ، وبعد نزوله يحمد الله ويقول : " مُطرنا بفضل الله ورحمته "، وإذا استبطأ المسلم نزول المطر فإنه يلجأ الى الله ويصلى صلاة الإستسقاء ويناجى ربه ويدعوه : " اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريئاً نافعاً غير ضار ، عاجلاً غير آجل ".
وهكذا يتعامل المسلم مع غيره من مخلوقات الله بالحب والتآلف والمشاركة والتناغم من خلال علاقة روحية لا ترى فيها حقدا ولاغلا ولاكراهية ولا تنافسا ولاغيْرة ، علاقة خالية من التشاؤم ومن التطير ، وعلى الجانب الآخر فإنك ترى العجب العجاب حينما تبكى السماء والأرض – وهما من مخلوقات الله العظيمة - أحدا من عباد الله المخلصين وتحزن عليه حزنا شديدا - كما يُفهم - من قوله تعالى : عن فرعون وقومه : ( فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين ) الدخان ( 29 )

وإذا كان الأمر كذلك فإن المسلم مطالَب دائما بممارسة عبادة التفكر ، وهى عبادة من أشرف العبادات وأعظمها ، وهى التى تجعل من نطقه ذكرا ومن صمته فكرا ومن نظره عبرة ، وترفع من قدره وتزيد من علمه وخشيته لله جل وعلا ، وقد تضعه فى مصاف العلماء ، " إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء "، وكذلك فان عبادة التفكر تعمق فيه صفات التواضع والرحمة والتعاون والأُخوة والزهد والمحبة وغيرها من الأخلاق الحميدة التى قد ترتقى به إلى أن يكون ملَكا يمشى على الأرض .

{{مواقف رمضانية لا تُنسى}} "16"

{{مواقف رمضانية لا تُنسى}}("16")

الشهيد "سليمان خاطر" وجزيرتى "تيران" و"صنافير"

بعد صدور جكم محكمة القضاء الإدارى بمصرية الجزيرتين ، الجرائد المصرية تنشر هذا الخبر :
{{المحكمة الإدارية العليا تحدد جلسة خاصة الأحد المقبل لنظر طعن الحكومة للتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير}}
بهذه المناسبة العظيمة هل تتذكرون أكذوبة انتحار البطل "سليمان خاطر"؟...
قال تقرير الطب الشرعي انه انتحر، وقال أخوه : "لقد ربيت أخي جيدا وأعرف مدي إيمانه وتدينه" ، إنه لا يمكن أن يكون قد شنق نفسه لقد قتلوه في سجنه. وقالت الصحف القومية المصرية انتحار سليمان خاطر بأن شنق نفسه على نافذة ترتفع عن الأرض بثلاثة أمتار. ويقول من شاهدوا الجثة أن الانتحار ليس هو الاحتمال الوحيد، وأن الجثة كان بها أثار خنق بآلة تشبه السلك الرفيع علي الرقبة ، وكدمات علي الساق تشبه أثار جرجرة أو ضرب.
وقال البيان الرسمي أن الانتحار تم بمشمع الفراش، ثم قالت مجلة المصور أن الانتحار تم بملاءة السرير، وقال الطب الشرعي أن الانتحار تم بقطعة قماش من ما تستعمله الصاعقة. أمام كل ما قيل، تقدمت أسرته بطلب إعادة تشريح الجثة عن طريق لجنة مستقلة لمعرفة سبب الوفاة.
وقد أصدرت فى عام 1986 - فى عهد حسنى مبارك - إحدى المحاكم حكما مستعجلا بإعادة تشريح جثة الشهيد "سليمان خاطر" سرعان ما استشكلت فيه إدارة قلم قضايا الحكومة آنذاك والتى عدلوا اسمها إلى هيئة قضايا الدولة أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة والتى أوقفت تنفيذه بحجة أن عريضة الدعوى لم تعلن للمحكوم ضدهم وهم المستشكلون فيكون الحكم المستشكل فيه قد بات معدوما .
المهم أن حكم محكمة أول درجة بإعادة تشريح جثة البطل سليمان خاطر قد أوقفوا تنفيذه واعتبروه منعدما ، بعد أن فرحت الجماهير المصرية الثورية آنذاك وهتفت : يحيا العدل ، يعيش القضاء الشامخ.
وهكذا حال المصريين مع القضاء الشامخ بين الفرح الشديد والانبهار سرعان ما يتبدلان بغضب وحزن شديدين ، وبمرور الأيام والشهور والأعوام تصير هذه الأحداث نسيا منسيا.

{{مواقف رمضانية لا تُنسى}} "14"

{{مواقف رمضانية لا تُنسى}}"14"

الفاتحة... هيا بنا نقرؤها بتدبر

الفاتحة عند المسلمين هى أم الكتاب ، بدونها لاتصح الصلاة ،وهي أول القرآن ترتيبا لا تنزيلا ، وهي على قصرها حوت معاني القرآن العظيم ، واشتملت مقاصده الأساسية بالإجمال ، فهي تتناول أصول الدين وفروعه ، العقيدة، العبادة ، التشريع ، الاعتقاد باليوم الآخر والإيمان بصفات الله الحسنى ، وإفراده بالعبادة والاستعانة والدعاء ، والتوجه إليه جلّ وعلا بطلب الهداية إلى الدين الحق والصراط المستقيم ، والتضرع إليه بالتثبيت على الايمان ونهج سبيل الصالحين ، وتجنب طريق المغضوب عليهم والضآلين ، وفيها الأخبار عن قصص الأمم السابقة ، والاطلاع على معارج السعداء ومنازل الأشقياء ، وفيها التعبد بأمر الله سبحانه ونهيه ، وغير ذلك من مقاصد وأهداف ، فهي كالأم بالنسبة لباقي السور الكريمة ، ولهذا تسمى بأم الكتاب ، إذاً اشتملت سورة الفاتحة على كل معاني القرآن ، فهدف السورة الاشتمال على كل معاني واهداف القرآن،.
عادة ما يقرأ المسلم الفاتحة فى اليوم الواحد سبع عشرة مرة على الأقل ، فى الإعلان عن الخطبة تُقرأ الفاتحة تبركا ، على أرواح ذويهم يقرؤها كثير من المسلمين ، فى جلسات الإصلاح بين المتخاصمين يبدأ المصلحون بقراءتها ، أملا فى أن ييسر لهم الله الأمور لتنتهى هذه الجلسات بالصلح ، كذلك فى البيع والشراء ، يقرأ الناس الفاتحة ليبارك الله فى البيع ،وهناك من يقرؤها كرُقية شرعية طلبا من الله أن يشفى المريض ، أو أن يرفع عنه السوء ، وهى تقرأ لقضاء الحوائج، هكذا كان يفعل الصالحون يكررونها بهذه النية ، ورقية عجيبة جدا تقرأ ثلاث أو سبع أو ثمان مرات. للشفاء وسميت الشافية لذلك ، وهكذا فإن الفاتحة تمثل أمرا حيوياً فى حياة المسلمين.
منا من يقرأ الفاتحة بصورة خاطئة ، فهذا يقرؤها دون الإلتزام بأحكام التلاوة ، أو بالتشكيل الصحيح ، وآخر يقرؤها وهو يأكل كثيرا من حروف كلماتها ، وثالث يقرؤها مرة واحدة ، دون أن يدخل أنفه شهيق ، أو يخرج منها زفيرأثناء قراءتها كاملة ، وكأن أسدا يلاحقه ، وغيره يقرؤها مجرد قراءة ، وكأنه يقرأ فى كتاب المطالعة ، وهناك من يقرؤها ، وتفكيره مشغول فى أمور أخرى ، بعيدة عن معانى كلماتها ، والسبب فى ذلك أن هؤلاء وأمثالهم يقرؤون الفاتحة دون أن يعيشوا معانيها ، فهم يقرؤونها دون تدبر،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهَ عنْهُ قَالَ
: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: 'قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي وَإِذَا قَالَ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي وَإِذَا قَالَ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي وَقَالَ مَرَّةً: فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي فَإِذَا قَالَ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ
نَسْتَعِينُ} قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَل،،،،

وحيث إن المسلم مطالب من رب العزة أن يقرأ الفاتحة يوميا سبع عشرة مرة ، بل ربما فى كثير من الحالات عليه أن يقرأها أضعاف هذا العدد ، فإن ذلك يعتبر سببا وجيها فى أن يبحث المسلم - دون توقف - عن الأسرار الكامنة فيها ، وعن البركات التى تتنزل أثناء تلاوتها ، و عن المتعة التى يستشعرها عند قراءتها ، و عن الشعور الجميل الذى ينتابه فى كثير من الحالات وقت قرائتها ، وغير ذلك الكثير من الحكم والأسرار التى لايعلمها إلا الله ، وقد يعلم البشر أشياء أخرى فى المستقبل القريب أو البعيد ، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال قراءة الفاتحة بتدبر وخشوع

{{مواقف رمضانية لا تُنسى}} "13"

{{مواقف رمضانية لا تُنسى}}

"13"

لقد جاء الإسلام ليسمو بالنفوس البشرية ، فيرتقى بها من خلال تنقيتها من الأمراض المختلفة وخاصة أمراض القلوب وأشدها خطرا مرض الحسد ذلك بتربيتها وتزكيتها ، و وبين القرآن الكريم ذلك الأمر بوضوح شديد ، فقال تعالى : ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾
ودائما ما يأتى شهر رمضان ليطهر الصائمن من أمراض القلوب ومن أشد تلك الأمراض ضراوة مرض الحسد ، ومرض الحقد .
والحسد يختلف عن الحقد وعن الغبطة ، فإن الحقد هو الغل الشديد ، وأما الحسد فهو تمنى زوال النعمة عن الغير ، وأما الغبطة فهي أن يتمنى نيل وتحصيل مثل تلك النعمة. والغبطة مباحة بدون أن يتمنى زوالها عن غيره.
والحسد مرض فتّاك إذا سرى في الإنسان أفسده وأضر به أيما ضرر، الحسد شر يتعوذ بالله منه ﴿ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾ ، ويقول صلى الله عليه وسلم : "إياكم والحسد "
، والحسد صفة الأشرار من خلق الله سبحانه وتعالى ، ومن أول المخلوقات التى مارست الحسد هو إبليس الذى حسد أبانا "آدم" عليه السلام ، بسبب ما أنعم الله عليه من النعم الكثيرة حيث علمه الأسماء كلها بعد أن خلقه بيده وأسجد له الملائكة وأسكنه جنته ، فما كان من إبليس اللعين إلا ان حسده وتسبب فى إخراجه من الجنة ، ومازال هذا المخلوق اللعين يمارس حسده على الإنسان ليغويه فى الملذات والشهوات ، فيستدرجه لارتكاب الآثام والمعاصى والذنوب وكل ما يغضب الله.
وقد تسبب مرض الحسد فى قيام "قابيل" بن "آدم" عليه السلام بقتل أخيه "هابيل" ظلما وعدوانا ، وكذلك ما قام به اليهود من جرائم فى حق رسول الله صلى الله عليه وسلم حسدا من عند أنفسهم لاصطفاء الله له بالرسالة والنبوة ، فظلوا يحاربون دعوته ويصدون عنها ويثيرون الشكوك والشبهات حول دين الله ، ولم يتوقفوا عن تدبير المؤامرات والخطط لقتل الرسول صلى الله عليه وسلم ، وشن الحروب عليه وعلى المؤمنين من حين لآخر ، وتحالفوا ضد الدين الجديد مع كل أعدائه من كقار ومشركين ومنافقين.
الحاسد كالثعبان لا يرضى إلا ان يفرغ سُمه فى وجه من أنعم الله عليه بنعمة من النعم ، فهو لا يرضى بقسمة الله وبتوزيعه للأرزاق والمواهب والملكات والنعم والأموال والصحة وما إلى ذلك.
فإذا رأى أحد الناس قد أتاه الله نعمة من النعم أو بميزة من الميزات امتلأ قلبه بالحسد والبغض والكراهية له متمنيا زوال تلك النعم والميزات التى وهبها له الله.
الحاسد لا يرضى بقضاء الله ولا بحكمه ولا بحكمته ولا بتدبيره ، ودائما ما يمتلآ قلبه بالكراهية والبغض للمحسود.
وبُغض الحاسد للمحسود يحمله دائما على العدوان عليه وظلمه وارتكاب الجرائم فى حقه مهما كلفه من مجهودات شاقة ، فيقول عليه الصلاة والسلام: " لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا".
والحاسد كالنار يأكل بعضها بعضا من كثرة الغل والكراهية للمحسود ، فبدلا من أن يذكر اللهأو يقوم بالأعمال الصالحة وأفعال الخير وتذكير الغير بالقيام بذلك ، فإنه يظل على حاله يبغضهذا ويكره ذاك يعيش ولا هم له إلا حسد الناسعلى ما انعم الله به عليهم.
وكلما استمر الحاسد فى غيه تراه يحسد الآخرين بصورة مبكية أو بصورة مضحكة ، فتراه وهو الغنى الذى يمتلك المال الوفير والخدم والحشم ومع ذلك يحسد شخصاً فقيراً لا يمتلك من أمور الدنيا إلا القليل ، يحسده لأنه صحيح الجسم سليم الفكر مرتاح البال.
وترى آخر يحسد شخصاً مريضا استكثر عليه زواره الكثيرين ، واهتمام الأطباء به وهونزيل مستشفى عادية لكنها مجانية ،وقد من الله عليه بالشفاء فى مدة قصيرة.
وهذا وذاك كشخص يحسد على رجل قُتل فى حادث على الطريق ، نقلوه فى سيارة إسعاف "موديل" آخر سنة ، وكان من قبلُ قد حسده لما رآه ملقى على الطريق لم يجدوا ما يغطوه به سوى أوراق صحيفة ، دقق النظر فيها ، فإذا بها جريدة يوم الحادثة.
والحسد ينتشر فى المجتمع كمرض السرطان ينتشر فى الجسد ، فإنه يدمر المجتمع تدميرا ، ويمزقه تمزيقا ، فترى المجتمع انقسم إلى فرق شتى فرق تحسد وفرق تُحسد ، حتى فى الأسرة الواحدة ترى الأخ حاسداً لأخيه ، ربما فى أولاده أو املاكه أو نعم الله عليه ، والأخت على اختها فى جمالها أو فى أبنائها ، أوفى توفيق الله لشخص ما فى التفوق فى تعليمه أو فى ارتقاء المناصب ، وما إلى ذلك.

وحتى نقاوم هذاالمرض الخبيث لابد أن يتعاون أفراد المجتع على تذكر بعضهم بعضا بخطورة هذا المرض وخطورة آثاره على المجتمع وعلى الأفراد ، وأنه يتسبب فى إضاعة الأوقات والمجهودات ويعطل الإنتاج والابتكار وعبادة الله.

{{مواقف رمضانية لا تُنسى}} "12"

{مواقف رمضانية لا تُنسى}

"12"

بقدوم شهر رمضان المبارك يتذكر المسلم أحبابه من الأقارب والأصحاب والزملاء والجيران الذين غيبهم الموت خلال العام السابق ، تصاحبه ذكرياته معهم معظم أوقات شهر رمضان دون غيره من الشهور ، ربما لأن المرء أقرب إلى فى هذا الشهر من غيره ، لكثرة الأعمال الصالحة التى يؤديها.
ويمر هذا الأمر على كثير من الناس ، فيتتذكرون أحبابهم الموتى لمجرد الذكرى ، أما القليل منهم فإن تذكر الموت لا يفارقه خوفا من الله المحى المميت ، فيدعو لهؤلاء بأن يغفر الله لهم وأن يرحمهم رحمة واسعة.
وهناك من ينفذ وصية الرسول صلى الله عليه وسلم فيتذكر الموت من حين لآخر ، فقد قال: (أكثروا من ذكر هادم اللذات، فما ذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه، ولا سعة إلا ضيقها) ، وقد قيل (وقد قيل: من أكثر ذكر الموت أكرم بثلاثة: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، ومن نسي الموت عوجل بثلاثة: تسويف التوبة، وترك الرضا بالكفاف، والتكاسل بالعبادة .) .
ولكن علينا أن نفهم أن تذكر الموت لا يعنى كثرة الحزن وطول النحيب مع الإقامة على التفريط فى حق الله ، بل يجب أن يجب أن يقترن بخوفنا من سوءالخاتمة.
وهناك من يتشاءم من ذكر الموت فيطلب منك تغيير الحديث ، ولا مانع من الكلام عن أحوال الدنيا وأخبار الناس وربما يتطرق الحديث إلى الغيبة والنميمة وغيرهما.
ومن الناس من إذا مات قريبٌ له ربما يتأثر تأثرا وقتيا ، سرعان مايزول فيعود إلى طبعه ، فيطلب أن يقام لقريبه مأتم ضخم فخم ، ولو أنفق الكثير من الأموال ، وهى فى النهاية أموال يتامى وأرملة ، وهم يحتاجون إليها ، وهذا الشخص ربما لن يهتم بهم فى المستقبل ، بل وربما لن يتفقدهم ولن يسأل عن احوالهم.
الناس كلهم مؤمنهم وكافرهم واثقون من أن نهايتهم الموت ، ولكن الكافر لايؤمن بما بعد الموت من مصير فإما إلى الجنة وإما إلى النار ، على عكس المؤمن الذى يوقن بأن الدنيا دار عمل وأن الآخرة دار حساب ، ومن ثم فنظرة المؤمن الصادق إلى الموت تختلف عن نظرة الكافر ، بل عن نظرة العاصى والمذنب الذى يعيش عبدا للشهوات.
وكما قيل فإن العبرة بالخواتيم ، فالكثير منا لا يعبأ بالموت ولا يتصور أن يأتيه فى أى وقت ، وهناك من يستعد للموت فى أى لحظة من اللحظات ، فالأول لا يُكثر من الأعمال الصالحة ولا يداوم على التوبة إلى الله وكأن الأمر أمر عادى، أما الآخر فيعمل للموت وهو موقن بأنه أقرب إليه من شراك نعله.
ومن منا لا يريد حسن الخاتمة إلا من أغلق الشيطان على قلبه وبات عبدا لشهواته وللمعاصى والذنوب؟ ، وحتى ينال المرء حسن الخاتمة فعليه أن يتمسك بالاستقامة ، فيكون مستقيما فى أقواله وأفعاله ، مستقيما فى سره وعلنه ، مستقيما فى سلوكياته وتصرفاته ، وقت الغضب ووقت الرضى ، فى العسر واليسر ، مستقيما فى تعامله مع القوى وفى تعامله مع الضعيف ، ومع الغنى ومع الضعيف سواء بسواء ، فهو كريم مع الغنى القوى وهو كريم أبضا مع الفقير الضعيف ، لأنه يتعامل مع الله وليس مع الخلق.
ويجب على المسلم اذى يريد الفوز بحسن الخاتمة أن يكون حسن الظن بالله ، فالله عن حسن ظن عبده به ، وحسن الظن بالله هو اعتقاد العبد بما يليق بالله سبحانه وتعالى من أسماء وصفات وأفعال ، واعتقاد ما تقتضيه من آثار جليلة ، كاعتقاد أن الله تعالى يرحم عباده المستحقين ، ويعفو عنهم إن هم تابوا وأنابوا ، ويقبل منهم طاعاتهم وعبادتهم ، واعتقاد أن له تعالى الحِكَم الجليلة فيما قدَّره وقضاه.
وعلى المرء للفوز بحسن الخاتمة أن يكون تقيا ، بأن يخشى الله فيعمل ما أُمر به وينتهى عما نُهى عنه ، فبإيمان القلب مع عمل الجوارح تكون التقوى، ومن ثم فعليك أن تخاف الله كأنه يراك هكذا في إيمانك وتوحيدك إذا قمت بأى عمل اعلم أن الله يراك، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، سبحانه.
وكذلك فيجب على المرء أن يكون صادقا فى أقوله وأفعاله ، وفى وعوده ، وأن يصادق قوله فعله ، وأن يكون دائم التوبة إلى الله ، ليس بالكلام فقط ، وإنما بالكلام والأفعال ، والتزام الطاعات والبعد عن المعاصى والآثام.

وعليه أن يكون ذاكرا للموت دائما ، وأن يتوهم نفسه وقت الموت ، وأى موتة قد تطوله ، وفى أى مكان وفى أى زمان ، هل سيموت وسط أهله أو وحيدا بعيدا عنهم؟ ، هل سيموت فجأة أم سيمرض ثم يموت؟ ، وهكذا يضع نفسه صوب الموت وخاتمته حتى ينال حسن الخاتمة ، وعليه أن يخاف من سوء الخاتمة كالإصرار على المعاصى وتسويف التوبة وحب الدنيا.

{{ْمواقف رمضانية لا تُنسى}} "11"

}مواقف رمضانية لا تُنسى}"11"

اجتاحت المسلمين فى العقود الأخير مفاهيم خاطئة عن شهر رمضان الكريم ، فهناك من يعتبره شهر الراحة والكسل ، وبالتالى يتوقف عن القيام بأى عمل حياتى ، فيتم تأجيل كثير من الأعمال المهمة ، ليس للمرء نفسه فحسب، ولكنها مهمة أيضاً لآخرين ينتظرون نتائج هذا العمل وثماره التى لها تأثير عظيم فى حياتهم.
وبالرغم من عدم وجود نص قرآنى أو حديث شريف يُسنبط منه اعتبار شهر رمضان شهر راحة وتوقف عن القيام بالأعمال الحياتية المعتادة ، إلا ان كثيراً من المسلمين ارتبط فى أذهانهم أنه شهر الراحة التامة والنوم الطويل والكسل والخمول ، تُؤجل فيه الأعمال وتتوقف فيه كل الواجبات ، متوهمين أنه شهر مرتبط بالتعب والإرهاق وإنعدام القدرة على التركيز ، وبالتالى تواترت وترسخت هذه المفاهيم الخاطئة والخطيرة فى أذهان الأجيال المتعاقبة.
ويكذب كل هذه المفاهيم الخاطئة آيات القرآن الكريم وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك سيرته العطرة ، وصفحات التاريخ الإسلامى الزاخرة بالبطولات والأعمال الخالدة والتى حدثت فى شهر رمضان الكريم على مر الأعوام والسنين.
فغزوة "بدر" كانت فى شهر رمضان وفتح مكة ، وكذلك معركة البويب بين المسلمين والفرس على ضفاف نهر الفرات بالعراق و الفتح الإسلامي لبلاد النوبة (السودان) و فتح جزيرة رودس في عهد معاوية بن أبي سفيان بقيادة جنادة بن أبي أمية ، وغيرها من الانتصارات العظيمة للإسلام والمسلمين وقعت فى شهر رمضان المبارك.
ولم يكن انتصار العاشر من رمضان على اليهود الإسرائيليين مصادفة ، وإنما كان نتيجة توفيق من الله سبحانه وتعالى وتخطيط دقيق ، وقد كان اختيار توقيت لبدء الهجوم على المواقع الإسرائيلية فى شهر رمضان حيث يكون إيمان المسلمين مرتفعا وروحهم المعنوية عالية واستعدادهم للتضحية والشهادة بارزا ، فكان الانتصار المدوى الذى زلزل عرش إسرائيل .
لقد غاب عن أذهان الكثير منا أن شهر رمضان المبارك لم يشرع للقعود والتخلف عن ركب المجاهدين والدعوة إلى الله والعمل على رفعة شأن المسلمين فى كل بقاع الأرض والدفاع عن كل المستضعفين على وجه الأرض وخاصة المسلمين منهم ، فقد كان قائدنا محمد صلى الله عليه وسلم - وهو قدوتنا - دائم الجاهزية للجهاد بالنفس والمال لإعلاء راية الإسلام على كل المصالح الشخصية والمنافع الذاتية ، وذلك لتكون كلمة الذين كفروا هى السفلى وكلمة الله هى العليا.
وعلى مر العصور والأزمنة فقد كان شهر رمضان المبارك شهر تربية وترابط وتكافل بين المسلمين وتجهيز الأفراد عقائديا ونفسيا وماديا وعسكريا ليكونوا وبحق جند الله ثقافة وأخلاقا ، فتراهم أثناء الحروب جنوداً صادقين مضحين بالغالى والنفيس لتعلوَ راية دينهم ويُجهزوا على كل أعداء الأمة.
ولن يستطيع المسلمون الانتصار فى أى معركة يواجهون فيها أعداء الأمة إلا إذا استطاعوا الانتصار على أنفسهم من قبل ، ففى رمضان تبدأ المعركة الأولى بين المسلم وبين نفسه ، بينه وبين الشيطان ، بينه وبين شهواته ، بينه وبين شياطين الإنس فى محاولاتهم المستمرة لجذبه إلى كل وسائلهم الخبيثة ، فيضيع أجر صيامه ويصبح صيامه شكلا بلا جوهر ، مجرد امتناع عن الأكل والشرب ليس إلا ، فيتابع مسلسلاتهم التى تختزل الإسلام فى الشكليات وتروج لأفكار دخيلة على الدين الإسلامى ، وتروج للإباحية والشذوذ ، وذلك بواسطة ممثلين ليس لديهم مانع من القيام بأعمال مخالفة للدين بل ومعادية له ، أكثر مما يقوم به المستشرقون الذين يحاربون الله ورسوله ليلا ونهارا.
بصوم شهر رمضان المبارك تتخلى النفس البشرية عن أدرانها وأمراضها التى ربما تعرقل قيامها بواجباتها المفروضة عليها خلال الأشهر السابقة على شهر رمضان المبارك ، وتتحلى فيه بالأخلاق الطيبة والسلوكيات الراقية والتعاملات السامية مع الله سبحانه ومع النفس ومع الزوجة ومع الأبناء والآباء ومع الجيران ومع الأقارب ومع الناس بصفة عامة.
وفى حالة أداء المسلمين لفريضة الصوم وهم يتحلون بتقوى الله والإخلاص والإيثار والحب والمودة ترى العجب العجاب ، ترى نفوسهم وقد تعلقت بآفاق الإيمان والقرب من المولى عز وجل ، وهنا ترى مواصفات المسلم الحقيقى الذى يرضى عنه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، هنا يستطيع المسلمون تحقيق مهامهم العظمى ومنها إخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله ، وممارسة الدعوة إلى الله وتحرير الأوطان من دنس المحتلين ، وإيقاظ المسلمين من غفوتهم وغفلتهم.
ولن يحقق المسلمون انتصاراتهم إلا إذا أطاعوا الله ورسوله ونفذوا أوامرهما ، وانتهوا عما نُهوا عنه ، وأصبحوا قرآنا يمشى بين الناس بأخلاقهم وسلوكياتهم وأحاديثهم.
لن تتحق تلك الانتصارات إلا إذا استشعر المسلمون أن الله قد ابتعثهم ليكون شهداء على الناس وقادة للمجتمعات يهدونهم إلى الطريق القويم طريق الفطرة السليمة ، ومن ثم عليهم أن يغيروا من أنفسهم حتى يغير الله حالهم إلى الأحسن والأفضل ، وأن يستعيدوا قوتهم النفسية والروحية ، والتى هى أهم من القوة المادية وبالطبع فهى مطلوبة أيضاً.
وفى سبيل تحقيق تلك الانتصارات ينبغى أن يكون المسلمون صفاً واحدا كالبنيان المرصوص ، يشد بعضه بعضاً ، حتى يستطيعوا الوقوف معا ضد أعداء الأمة المتربصين بها من الشرق ومن الغرب ، فأعداء الأمة يحاربون الإسلام والمسلمين مجتمعين وفى كافة المجالات حرباً شاملة دون هوادة ، ومما لاشك فيه فإنه لا يمكن الانتصار عليهم إلا إذا اتحد المسلمون وكانوا على قلب رجل واحد.

وحتى يستمر ذلك الاتحاد فلابد من نبذ التنازع والاختلاف والاعتصام بحبل الله المتين ، وألا يتنافس أحد على المناصب أو المكاسب وألا يكون العمل من أجل المجد أوالشهرة ، وأن يكون العمل لله وحده ، عسى أن يكون ذالك قريبا.

{{ْمواقف رمضانية لا تُنسى}} "10"

}ْمواقف رمضانية لا تُنسى}
"10"

بمجرد استعداد المسلمين لاستقبال شهر رمضان المبارك فيأتيهم ، سرعان ما يتركهم وهم يستغربون كيف مضى بهذه السرعة؟ ، متمنين أن يكون العام كله رمضان من كثرة الخيرات والبركات التى يرونها فى هذا الشهر الفضيل ، فهو الشهر الوحيد الذى يستشعر المسلمون فيه بسرعة مروره ، الأمر الذى لا يستشعرونه فى بقية الشهور ، وذلك لأنهم مرتبطون بكل ليلة من لياليه بصلاة القيام وبداية الشهر وبمنتصفه وبأيام الاعتكاف وبليلة القدر وآخر ليلة من لياليه.
والوقت فى رمضان وفى غيره من الشهور له أهميته العظمى والتى لا يستشعرها إلا أولو الألباب ، فقد قيل إن الوقت كالذهب ، وقيل لا بل الوقت أغلى من الذهب ، فهو الحياة ، فما الحياة إلا أسطر يقلبها الإنسان فى صفحات عمره ، واستسعار المرء لقيمة وقته يعنى أنه يستشعر أهمية وجوده كإنسان فى هذه الحياة ويستشعر سمو وظيفته التى أرادها الله له وأنه محاسب على كل ذلك أمام الله ، وأن غاية وجوده تتضح من قوله تعالى :
{وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون(56)، ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون(57)، إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين } ( الذاريات:56-58).
وحينما يتعايش المسلم مع القرآن الكريم وهو يستمع له فى صلواته وفى المنتديات وفى الجلسات أو وهو يتلوه بنفسه ، وأثناء شرح وتفسير الآيات الكريمة ، فإنه يستشعر أهمية الوقت فى حياة الإنسان بصفة عامة وفى حياة المسلم بصفة خاصة ، ومن تلك الآيات الكريمة على سبيل المثال لا الحصر :
{ والليل إذا عسعس(17)، والصبح إذا تنفس } ( التكوير:17-18(
{ والفجر(1)، وليال عشر } ( الفجر:1-2(
- { والشمس وضحاها(1)، والقمر إذا تلاها } ( الشمس:1-2(
{والضحى(1)، والليل إذا سجى } ( الضحى:1-2(
{ والعصر(1)، إن الإنسان لفي خسر } ( العصر:1-2).
وقد ذكر العديد من المفسرين أن إقسام الله ببعض المخلوقات دليل على أنها من عظيم آياته.
وهناك أحاديث كثيرة توضح ذلك: فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به ؟ ", وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ ", وعن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل " .
والوقت هو أغلى ما يملكه المرء وهو نعمة عظيمة حباه الله بها ، ومع انه نعمة من الله فإنه معيار لحساب الله له يوم القيامة ، عن عمره كله وعن فترة شبابه بصفة خاصة ، والوقت إذا ذهب فليس باستطاعة الإنسان أن يعيده ، وعندما يستشعر عدم قدرته على إعادته فليس له إلا الندم ولوم نفسه على تفريطه فى تلك النعمة العظيمة والفرصة الذهبية التى سُنحت له ، فهذا الوقت لا يستطيع تخزينه للاستفادة منه مستقبلا ، ولا يمكن أن تغييره أو تحويله ، ولا يمكن أن يقوم المرء بعمل - أى عمل – بدون الوقت ، وكذلك فإن معيار قياس تقدم أمة من الأمم أو دولة من الدول هو مدى اهتمامها بالوقت من عدمه ، ومن ثم وجب استغلال الوقت فورا ودون تأخير ، وذلك هو الذى يزيد من قدر الإنسان أو يحقر من شأنه.
ومن أجمل صفات المرء التزامه بالمواعيد ، فقد مدح رب العزة نبيا كريما قائلا : وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ، خلق
، فالالتزام بالمواعيد خلق الأنبياء والمرسلين وسمت العلماء والفقهاء ، وأدب من آداب الرجال الصادقين ، فهو يحفظ الأوقات من الضياع وتُحصل المصالح من خلاله وتعم الفائدة على الناس وتعطيهم الثقة فى ذلك الشخص الملتزم بمواعيده.
ولنتدبر معا ما قاله هذا الحكيم : " من أمضى يوما من عمره في غير حق قضاه, أو فرض أداه أو مجد أثله أو حمد حصله أو خير أسسه أو علم أقتبسه فقد عق يومه وظلم نفيه ".
وقيل فى معنى إدارة الوقت : هي الوسائل التي تُعِينُ المرءَ على الاستفادة القصوى من وقته في تحقيق أهدافه، والاستفادةُ من الوقت هي التي تحدِّد الفارقَ ما بين الناجحين والفاشلين في هذه الحياة، فالسِّمةُ المشتركة بين كل الناجحين هي قدرتُهم على الموازنة ما بين الأهداف التي يرغبون في تحقيقها، والواجباتِ اللازمة عليهم، وهذه الموازنةُ تأتي من خلال إدارتهم لأوقاتهم.
فالناس متساوون من حيث كمية الوقت المتاحة لهم فى اليوم ، ولكنهم مختلفون فى كيفية الاستفادة منه واستثماره ، ومن هنا يتقدم المتميزون ويتأخر الفاشلون ، وهكذا تمضى الحياة ويرى فيها الناجحون ثمرات تسخير أوقاتهم لأسباب النجاح ، ويرى الفاشلون نتائج فشلهم لأنهم لم يستغلوا أوقاتهم خير استغلال ، ولقد من الله علينا بالأجهزة الحديثة مثل الحاسب الآلى والنت والفاكس وغيرها ، ومع ذلك فمن الناس من يتفاخر بأنه يستغنى عن هذه النِعم أو الأجهزة الحديثة وغير مهتم بها ، إلا ان هناك من الأشخاص من يحقق نجاحات شتى باستغلاله لتك الأجهوزة الحديثة التى توفر الجهد والوقت وتنجز المصالح الكثيرة التى كانت غير متوفرة ولا متاحة من قبل.
وفى الحديث القدسى :
{وما مِن يوم ينشقُّ فجرُه إلا وينادي: يا ابن آدم، أنا خلقٌ جديدٌ، وعلى عملِك شهيدٌ ، فتزوَّدْ منِّي، فإني لا أعود إلى يوم القيامة}
وقيل : إن الوقت كالسيف إن لم تقتله قتلك.

{{ْمواقف رمضانية لا تُنسى}} "9"

}مواقف رمضانية لا تُنسى}"9"

وما كُتب على المسلمين الصيام كما كُتب على الذين من قبلهم إلا ليزدادوا تماسكاً وارتباطا ، ليكونوا كما أرادهم الله كالبينيان المرصوص يشد بعضه بعضاً.
فترى المسلمين نساءً ورجالا صائمين ، أبيضهم وأسودهم ، غنيهم وفقيرهم ، كلهم صائمون إلا إذا كان لأحدهم عذر ، وهذا العذر يطبق على الجميع بصورة عامة للجميع وبصورة مجرد دون تمييز لأحد أو استثناء ، ومن ثم فهم يعلمون أن أكرمهم عند الله أتقاهم ، وأن لا فرق بين عربى وأعجمى إلا بالتقوى ، فترى التماسك والترابط بين أفراد المجتمع المسلم.
وكذلك فمن حِكم فرض زكاة رمضان على الفقير وعلى الغنى أن يستشعر الجميع بالمساواة فى الحقوق والواجبات ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر فأموال الأغنياء فيها حق مفروض من الله تعالى للفقراء والمساكين دون أن يمن عليهم الأغنياء أو يتفاخروا بقيامهم باداءهذه الفريضة ، وهذا مما يعضد ويقوى أواصر الترابط بين أفراد المجتمع.
يبدأ صيام يوم رمضان من آذان الفجر حتى آذان المغرب ، فمدة الإمساك عن الطعام والشراب والشهوة هى ذات المدة التى يلتزم بها الكبير والصغير ، الغنى والفقير ، العالم والأمى ، الإمام والمأموم ، وهكذا يستشعر الجميع بأنهم أمام الله سواء فلا تجد شخصاً له أن يصوم نصف النهار أو شخصا مكتوبا عليه أن يمتد صومه حتى آذان العشاء.
وإذا كان الأمر كذلك فلا ينبغى لأفراد مجتمع ما أن يتركوا الخصومات والنزاعات والخلافات تنهش فى جسد المجتمع دون أن يقوموا بحلها وإنهائها سريعا ، قبل أن تتطور إلى أمور لا يعلم مداها إلا الله.
ما أكثر البيوت التى تكاد تتهدم بسبب خلافات زوجية عادية أو تافهة ، ويكاد الطلاق أن يقع لولا فضل الله ثم تدخل المصلحين من الجانبين ليعيدوا المياه إلى مجاريها بين الزوجين ، وفى سبيل ذلك يضحى المصلحون بأوقاتهم وبجهودهم وبأموالهم ، ويقومون بإسداء النصح للزوجين أو بالترهيب من مغبة قطع العلاقة الزوجية والترغيب فى أجر الطرف الذى يتسامح ويتغافر.
وما أكثر الخلافات بين الأخوة والأصدقاء والأقارب والزملاء ، هذه الخلافات التى ربما تعصف بأمور هائلة تسبب فى انتشار الحقد والحسد والغل بين أفراد المجتمع بصورة مستمرة ، والتى من الممكن أن تؤدى إلى وقوع جرائم خطيرة تمزق أواصر المجتمع ، فتجد أحد المصلحين المخلصين قد تدخل وبقوة ليصلح بين الأطراف المتنازعة ويعيد الأمور إلى نصابها ، وتعود المودة والمحبة إلى قلوب هؤلاء الأفراد.
وكذلك الخلافات والمشاجرات بين العلائلات والقبائل بعضها مع بعض ، والتى ربما تسبب فى حوادث قتل وجرح وحرق واقتحام البيوت والاعتداء على الممتلكات والأموال ، فإذا بمجموعة من المصلحين المخلصين يصرخون فى وجوه جميع الأطراف ليوقفوا تلك النزاعات الدامية ، ويتم التقاضى ومن ثم الإصلاح بين المتخاصمين.
ولذلك فتجد عظمة المصلحين بين الناس فى تلك المواقف الصعبة والتى لا يخوض فيها إلا شخصيات وهبها الله موهبة الإصلاح بين الناس ، يعصم الله بهم دماء وأموال الناس ويقومون بوأد الفتن التى كانت من الممكن أن تفرق بين الناس وتذهب بوحدتهم .
ولذلك فإن عبادة الإصلاح بين الناس من أعظم العبادات يحبها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، الذى اعتبرها أفضل من درجة الصيام والصدقة والصلاة .
إن معدن المصلح معدن ثمين يختلف عن معادن الناس العاديين ، ولذلك فالمصلح هو ذلك الرجل الذى يبذل من الجهد والمال والوقت ليصلح بين المتخاصمين ولا يرجو من ذلك العمل إلا ابتغاء وجه الله ، قلبه من أنقى القلوب ، نفسه تواقة لحب الخير وعمل الخير ، ذو همة عالية لا تفتر ولا تضعف ، دائما يصدع بكلمة الحق لا يخاف فى الله لومة لائم ، كثيراً ما يتعرض للحرج بسبب قيامه بتلك المهمة الجليلة ، عادةً ما يقدم نصائحه كهدايا لمن ينصحهم ويحسن الظن إذا وجه أحدهم اللوم تجاهه ، يأخذ العزم على نفسه بألا يرجع من مشواره للإصلاح بين خصمين إلا وهما قد تصالحا ، مهما كلفه ذلك من جهد جهيد ، لأنه واثق من تأييد الله له فى هذا العمل.
دائما يحرض الإسلام على القيام بالإصلاح بين الناس وترى عظمة هذا العمل فى قول سيدنا أنس رضي الله عنه ( من أصلح بين اثنين أعطـاه الله بكل كلمة عتق رقبة). ، وعن أنس ; أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي أيوب : " ألا أدلك على تجارة ؟ " قال : بلى : قال : " تسعى في صلح بين الناس إذا تفاسدوا ، وتقارب بينهم إذا تباعدوا "
ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى قد أباح الكذب لمن يقوم بالإصلاح بين الناس فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا - أو يقول خيرا " وقالت أم كلثوم بنت عقبة : لم أسمعه يرخص في شيء مما يقوله الناس إلا في ثلاث : في الحرب ، والإصلاح بين الناس ، وحديث الرجل امرأته ، وحديث المرأة زوجها .

ولذا وجب علينا أن يكون صيامنا مقرونا بالعمل على إصلاح ذات البين حتى يزداد الثواب والأجر من الله سبحانه وتعالى .